غضب من توقف الدعم
بالتزامن مع استمرار حملة القمع ضد المنظمات الأممية، شنّت ما تسمى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للحوثيين هجوماً حاداً على قرار منظمتي «الصحة العالمية» و«اليونيسف» بوقف الدعم الصحي في مناطق سيطرتهم. وزعمت الهيئة أن القرار «يهدد بإغلاق أكثر من ألفي وحدة صحية و72 مستشفى، وبتوقف إمدادات الوقود والأكسجين والأدوية، وتعليق برامج التغذية العلاجية لمئات الآلاف من الأطفال والنساء، فضلاً عن تعطيل جهود مكافحة الأوبئة».
وفي بيانها، اعتبرت الهيئة الحوثية أن القرار يشكل «عقوبة جماعية صريحة» تستهدف مليوني شخص يعانون سوء التغذية، بينهم 600 ألف طفل في حالة حرجة.
ووصف البيان الإجراء بأنه «انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني» و«تسييس فاضح للعمل الإنساني»، محمّلاً المنظمتين مسؤولية ما وصفه بـ«الكارثة الإنسانية الوشيكة».
![]()
كبرى المستشفيات العامة الخاضعة للحوثيين مكرسة لخدمة عناصر الجماعة (إعلام محلي)
لكن البيان تجاهل كلياً حقيقة أن الحوثيين أنفسهم هم من اقتحموا مكاتب المنظمتين واعتقلوا موظفيهما، وما زالوا يحتلون تلك المكاتب ويصادرون أصولها. كما تجاهل البيان دعوات الأمم المتحدة المتكررة إلى إطلاق سراح المحتجزين وضمان حرية عمل المنظمات.
ودعت الهيئة الحوثية المنظمتين إلى «استئناف عملهما فوراً دون أي شروط أو تأخير»، محذّرة مما أسمته «العواقب الوخيمة التي تهدد حياة ملايين اليمنيين». كما طالبت المجتمع الدولي بتحمل «المسؤولية الكاملة» عن أي أزمة إنسانية تنتج عن القرار، متوعدة بتوثيق الانتهاكات ورفع تقاريرها إلى المحافل الحقوقية الدولية.
ويرى مراقبون أن الهجوم الحوثي ليس سوى محاولة لتبرير فشل الجماعة في إدارة الملف الصحي بعد طردها الكوادر الإدارية والطبية الكفوءة، وتحويلها الدعم الدولي إلى أداة تمويل لمجهودها الحربي.
أداة تمويل للحرب
على وقع التصعيد الحوثي المستمر ضد الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن الجماعة الحوثية التي وصفها بأنها «الذراع الإيرانية الأخطر في المنطقة»، تواصل ممارساتها القمعية بحق المنظمات الأممية والعاملين في المجال الإنساني، وتنهب المساعدات وتحولها إلى أداة لتمويل أنشطتها العسكرية.
![]()
الحوثيون حولوا المستشفيات إلى مراكز للترويج للفكر الطائفي (إعلام محلي)
وأضاف الإرياني، في تصريح رسمي أن الجماعة التي مارست شتى صنوف التضييق والابتزاز بحق المنظمات الدولية «هي آخر من يحق له التباكي على قرارات نقل أو تجميد أو تقليص أنشطة تلك الوكالات في مناطق سيطرتها».
وأوضح أن الجماعة «اقتحمت مقرات المنظمات، واختطفت موظفيها، واحتجزتهم داخل المجمعات السكنية، ونهبت تجهيزاتهم وسياراتهم، ووجهت إليهم تهماً باطلة بالتجسس، وتستعد لإحالة أكثر من ستين موظفاً إلى محاكمات صورية».
وأشار الوزير إلى أن الحوثيين حوّلوا الأزمة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيون إلى «ورقة للابتزاز السياسي والمتاجرة»، يستغلونها للحصول على الدعم والمال، ثم يستخدمونها غطاء لتمويل حربهم وفرض سيطرتهم، بينما يحرمون ملايين المواطنين في مناطقهم من أبسط الحقوق والخدمات الأساسية.
وحمل الإرياني الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة عن «النتائج الكارثية للوضع الإنساني»، بعد أن دفعت ممارساتها المنظمات الدولية إلى تقليص تدخلاتها نتيجة انعدام الأمان واستحالة تنفيذ البرامج الإنسانية في بيئة القمع والنهب التي تفرضها.
![]()
مساعدات الأمم المتحدة الصحية قابلها الحوثيون باقتحام مقرات المنظمة واعتقال موظفيها (إعلام محلي)
ودعا الوزير المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى «تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، ووقف استغلال الميليشيات للملف الإنساني كأداة للضغط والابتزاز». كما طالب بالتنسيق مع الحكومة الشرعية لضمان إيصال المساعدات مباشرة إلى مستحقيها بعيداً عن هيمنة الحوثيين، وتمكين المنظمات من أداء مهامها بأمان، بما يضمن حماية المدنيين واستعادة الثقة في الدور الإنساني الدولي في اليمن.
ويرى مراقبون أن استمرار الصمت الأممي تجاه الانتهاكات الحوثية يشجع الجماعة على مواصلة تحديها للقانون الدولي، ويفتح الباب أمام مزيد من التصعيد ضد المنظمات الإنسانية التي باتت تعمل في بيئة وصفت بأنها «الأخطر في العالم».




















