الإثنين , 10 نوفمبر 2025

مريم بارحمة
في موقف سياسي متّزن يعكس نضج الرؤية الاستراتيجية للمجلس الانتقالي الجنوبي، رحّب المجلس بالتقرير الصادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن (S/2025/650)، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي بذلها الفريق في توثيق الانتهاكات الخطيرة التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد الشعب اليمني، وبالتحليل الدقيق الذي قدّمه التقرير حول طبيعة الأزمة الراهنة، وأسباب تعثر مسار السلام في البلاد.
وجاء في بيان هيئة الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، أن التقرير الأممي أكد بوضوح ما حذّر منه المجلس مرارًا على مدى الأعوام الماضية، وهو أن الميليشيا الحوثية تمثل الخطر الأكبر على الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، وتشكل ذراعًا عسكرية وعقائدية للحرس الثوري الإيراني تسعى إلى تقويض الأمن الإقليمي والدولي.
-انتهاكات الحوثيين تأكيد أممي لما كان يحذّر منه الجنوب
أشار التقرير الأممي إلى جملة من الممارسات التي تنتهجها ميليشيا الحوثي، منها التلقين العقائدي الممنهج، والتجنيد الواسع للأطفال، والتعذيب الممنهج، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وهي ممارسات وصفها التقرير بأنها محاولات لخلق جيل مؤدلج أيديولوجيًا يخدم مشروع الهيمنة الحوثية طويلة الأمد.
ويرى مراقبون سياسيون أن هذه الحقائق التي وثقها التقرير الدولي تُعيد التأكيد على مصداقية الخطاب الجنوبي الذي ظلّ منذ سنوات يطالب المجتمع الدولي بالتعامل الجاد مع الخطر الحوثي باعتباره تهديدًا عابرًا للحدود وليس مجرد طرف في نزاع داخلي.
وأكد المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه أن ما كشفه التقرير من حقائق يبرهن أن الجنوب اليوم يشكّل خط الدفاع الأول في مواجهة مشاريع التطرف الحوثي والإرهاب العابر للحدود، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي دعم الجنوب سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، باعتباره قوة استقرار أساسية في الإقليم.
-الجنوب حاجز الاستقرار في وجه الإرهاب الحوثي والإيراني
جاء في البيان أن المجلس الانتقالي الجنوبي يُثمّن الجهود الدولية المبذولة لتعزيز الرقابة البحرية وتنفيذ حظر الأسلحة على الميليشيات الحوثية، داعيًا إلى أن تكون تلك الجهود جزءًا من استراتيجية شاملة لقطع خطوط الإمداد عن الحوثيين وعن داعميهم الإقليميين، وفي مقدمتهم الحرس الثوري الإيراني (IRGC)، مشددًا على ضرورة تهيئة الظروف لعملية سياسية جديدة قائمة على مبدأ عودة الدولتين، كحل واقعي ومستدام للأزمة اليمنية.
وأشار البيان إلى أن استنتاج فريق الخبراء الأممي بعدم فاعلية القرار 2216 وعدم تحقيقه أي تأثير ملموس على قدرات الحوثيين يجب أن يكون جرس إنذار للمجتمع الدولي لإعادة النظر في أدواته السياسية والقانونية حيال الأزمة اليمنية.
ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي أن المرحلة الحالية تتطلب تفكيرًا جريئًا يعترف بالحقائق الميدانية والسياسية الجديدة، مشيرًا إلى أن استمرار الاعتماد على قرارات فقدت فعاليتها لن يفضي إلا إلى مزيد من التعقيد، وأن «الجنوب اليوم بات لاعبًا محوريًا لا يمكن تجاهله في أي تسوية قادمة.
-توصيات اقتصادية وسياسية تدعم الاستقرار
رحّب المجلس الانتقالي الجنوبي بما تضمنه التقرير من توصيات بشأن تسهيل استئناف صادرات النفط، معتبرًا ذلك عنصرًا أساسيًا للتعافي الاقتصادي وضمان استقرار الخدمات الأساسية في الجنوب واليمن عمومًا.
وأكد المجلس أن تحرير الصادرات النفطية من سيطرة الميليشيات والجهات غير الشرعية يمثل خطوة حيوية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني واستعادة الثقة بالمنظومة المالية في العاصمة عدن، مشددًا على ضرورة أن يترافق ذلك مع إصلاحات حقيقية في المؤسسات المالية، وتفعيل آليات الرقابة والشفافية الدولية لضمان استخدام العائدات لصالح المواطنين لا لصالح المليشيات أو الفاسدين.
كما دعا المجلس إلى توسيع نطاق التعاون مع الهيئات الدولية في مجالات الأمن البحري ومكافحة تهريب السلاح والمخدرات عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مؤكدًا أن هذه الجهود تسهم في حماية خطوط الملاحة الدولية وتعزيز الأمن الإقليمي والدولي.
-الجنوب شريك موثوق في عملية السلام
جدّد المجلس الانتقالي الجنوبي تأكيده على استعداده للقيام بدوره الكامل كشريك أساسي في صياغة تسوية سياسية شاملة وعادلة، قائمة على احترام إرادة شعب الجنوب وحقه في تقرير مستقبله السياسي وفقًا للواقع الجديد الذي أفرزته التطورات الميدانية والسياسية.
وشدد البيان على أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق من خلال تجاهل جذور الصراع، ولا من خلال مساواة الضحية بالجلاد، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى إدماج المكونات الفاعلة على الأرض، وفي مقدمتها المجلس الانتقالي الجنوبي، في أي حوار سياسي مقبل.
-دعوة إلى مجلس الأمن
ومع اقتراب موعد تجديد نظام العقوبات في 13 نوفمبر 2025م، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي مجلس الأمن الدولي إلى تعزيز آليات التنفيذ بناءً على توصيات فريق الخبراء، وتوسيع دائرة العقوبات لتشمل الأطراف والجهات التي تموّل وتسلّح ميليشيا الحوثي.
وأشار البيان إلى أن المجلس ينتظر من مجلس الأمن أن يتعامل مع المتغيرات السياسية بواقعية وأن يعترف بالدور الجنوبي الفاعل في حفظ الأمن الإقليمي والدولي، مؤكدًا أن الجنوب بات شريكًا موثوقًا في جهود مكافحة الإرهاب وضمان حرية الملاحة وحماية المصالح الدولية في البحر العربي وخليج عدن.
-التزام جنوبي راسخ بالسلام والاستقرار
واختتم المجلس بيانه بالتأكيد على التزامه الدائم بالتعاون البنّاء مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ودعمه الكامل لكل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار الدائمين لشعب الجنوب والمنطقة.
وأكد البيان إن المجلس الانتقالي الجنوبي ماضٍ في نهجه المسؤول، واضعًا مصلحة الشعب في الجنوب فوق كل اعتبار، وساعيًا بكل الوسائل إلى بناء مستقبل آمن ومزدهر يقوم على العدالة، والمواطنة، والشراكة الحقيقية مع المجتمع الدولي.
-دبلوماسية وحزم استراتيجي
يأتي موقف المجلس الانتقالي الجنوبي في توقيت حساس، حيث يشهد الملف اليمني إعادة تقييم شاملة من قبل الأمم المتحدة والقوى الدولية. ويعكس البيان الأخير قدرة الجنوب على التعامل بلغة سياسية متقدمة، تجمع بين الواقعية الدبلوماسية والحزم الاستراتيجي، ما يعزز حضوره كقوة مسؤولة تسعى إلى الاستقرار، لا كطرف في صراع.
ويؤكد هذا الموقف أن الجنوب اليوم لم يعد متلقّيًا للقرارات الدولية، بل شريكًا في صياغتها، وصوتًا يعكس مصالح شعبه ضمن إطار الشرعية الدولية واحترام القوانين الإنسانية.
نوفمبر 10, 2025
نوفمبر 5, 2025
نوفمبر 5, 2025
نوفمبر 1, 2025