السبت , 11 أكتوبر 2025
بعد أكثر من ستة عقود على اندلاع شرارة ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان، ما تزال تلك الثورة تمثل للجنوبيين الحدث الأهم في تاريخهم الحديث، والرمز الخالد للحرية والسيادة. إنها ليست مجرد ذكرى وطنية تُحيى بالاحتفالات، بل روح متجددة تعيش في وجدان كل جنوبي، تذكّره بأن التحرر لا يُمنح، بل يُنتزع بالتضحيات والعزيمة.
-ذاكرة التحرير
في ردفان، حيث انطلقت أول رصاصة ضد الاحتلال البريطاني، وُلدت فكرة التحرر الجمعي. لم تكن ثورة أكتوبر ثورة منطقة بعينها، بل كانت صرخة الجنوب بأكمله ضد أكثر من قرن من الاستعمار الذي بدأ باحتلال عدن في عام 1839م.
لقد جسدت تلك الثورة وعيًا وطنيًا مبكرًا لدى الجنوبيين، بأن مصيرهم لا يصنعه إلا نضالهم، وأن إرادة الشعوب أقوى من أسلحة الإمبراطوريات.
-أكتوبر مدرسة التضحية والوحدة
يرى الجنوبيون اليوم في ثورة أكتوبر مدرسة وطنية خالدة علمتهم أن الانتصار الحقيقي لا يتحقق إلا حين تتوحد الصفوف خلف هدف واحد. فقد توحدت خلال الثورة كل مناطق وتيارات الجنوب، من ردفان إلى العاصمة عدن، ومن الضالع إلى حضرموت، في ملحمة نضالية قلّ نظيرها.
ذلك التلاحم الشعبي هو ما مكّن الجنوب من دحر الاحتلال البريطاني في 30 نوفمبر 1967م، وإعلان استقلاله الوطني الكامل.
-الرسالة حية
ورغم مرور أكثر من ستين عامًا، فإن معاني ثورة أكتوبر لا تزال حاضرة بقوة في الوعي الجنوبي. فالجنوبيون يرون فيها امتدادًا لنضالهم الراهن لاستعادة دولتهم الفيدرالية كاملة السيادة.
لقد تغيرت الظروف، وتبدلت أشكال الصراع، لكن الثابت هو أن الحرية لا تُقاس بالزمن، بل بالإصرار على تحقيقها.
ولهذا، فإن الجنوبيون يستلهمون من ثورتهم روح المقاومة والصبر، ويعتبرونها دليلاً على أن تحقيق الاستقلال الثاني ليس حلمًا، بل استحقاق تاريخي بدأ يوم أُطلقت أول رصاصة في ردفان.
-رمزية الثورة في الحاضر الجنوبي
اليوم، حين يتحدث الجنوبي عن ثورة أكتوبر، فهو لا يستحضر فقط انتصار الماضي، بل يربطها بمشروع الحاضر والمستقبل الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، المفوّض شعبيًا بمقتضى إعلان عدن التاريخي عام 2017م.
فكما كان أبطال أكتوبر رموزًا للتحرر، يُنظر اليوم إلى الزُبيدي ورفاقه بوصفهم امتدادًا لذلك النضال في مرحلة سياسية جديدة، عنوانها استعادة الهوية والدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة.
-ثورة أكتوبر.. ذاكرة مقاومة ومشروع حياة
ما تعنيه ثورة أكتوبر للجنوبيين اليوم هو أكثر من مجرد حدث تاريخي؛ إنها رمز الوعي الوطني الذي يصونهم من محاولات التزييف والطمس.
هي جسر يربط بين جيل الثورة وجيل الحاضر، بين بندقية الثوار الأوائل وصوت الشعب اليوم وهو يطالب بحق تقرير مصيره.
إنها تذكير دائم بأن الجنوب لم ولن يقبل الوصاية، وأن إرادة التحرر متجذرة في الأرض والإنسان.
-مواقف الصمود
في كل عام، عندما تتزين العاصمة عدن ومحافظات الجنوب بأعلام الثورة الجنوبية، يشعر الجنوبيون أن أكتوبر لم ينتهِ، بل يتجدد في كل موقف من مواقف الصمود.
فمن ردفان إلى عدن، ومن الضالع إلى سقطرى، يتعاهد الجنوبيون على الوفاء لدماء الشهداء، والسير على خطى الآباء الذين كتبوا بالدم فجر الحرية.
ولذلك، تبقى ثورة 14 أكتوبر البوصلة التي تهدي الجنوب نحو مستقبله، والذاكرة التي لا تشيخ مهما تعاقبت السنين.
إنها ثورة الجنوب الكبرى ذاكرة التحرير وبوصلة المستقبل، وعهد الشهداء الذي لا يُنسى، ما دام في الجنوب قلب ينبض بالكرامة والإصرار على الحرية.
أكتوبر 11, 2025
أكتوبر 11, 2025
أكتوبر 11, 2025
أكتوبر 11, 2025