لو تمحصنا الشراكة القائمة في مجلس القيادة الرئاسي، سنجد حالة اختلال جوهرية تضرب في عمق هذه الشراكة، يتجسد ذلك الاختلال في وجود قوى فاعلة، وقوى حاكمة (خاملة)، حيث عمدت القوى الحاكمة (الخاملة) إلى استخدام سلطة القرار كأداة لضرب واستنزاف القوى الفاعلة.
وأثبتت السنوات الماضية منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، إنه لا يمكن لمن لا يملك الأرض ولا الحضور ولا الدعم والتفويض الشعبي ولا المشروع السياسي ولا الدافع، أن يكون قائد فاعل، بل سيظل خاملًا ولو أسندت إليه كل السلطة والصلاحيات.
ولهذا جاءت سلسلة الخطوات التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي على إثر فشل رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن يشكل دور القائد الفاعل، أو يعمل لمعالجة مشاكل وأولويات الناس على الأرض، إلى قيادة عملية الإنقاذ السياسي لجسد الشراكة الذي كاد أن يقود الجميع إلى بؤرة المهالك، فعمد الانتقالي لقيادة عملية إصلاح التشوه الذي يعتري جسد الشراكة بهدف إنهاء حالة الاختلال المزمن.
تؤكد شواهد الميدان بأن الانتقالي هو الطرف المحوري والقوة الفاعلة والرئيسية في إطار هيكل قوى مجلس القيادة الرئاسي، وأنه لا يمكن إحداث أي تحولات إلا بالانتقالي وتحت قيادته.
وقد أثبت ذلك المعطى عدة تحولات شهدتها الساحة السياسية منذ 2022م، ولعل آخرها مثلا، جهود الانتقالي في قيادة الإصلاحات الاقتصادية، التي كان العامل الحاسم لإنجاحها هو تصدر الانتقالي قيادتها وتوجيه كافة عناصره من مجلس القيادة إلى لجنة الموارد السيادية إلى مجلس الوزراء إلى القيادة التنفيذية العليا إلى هيئات الانتقالي المركزية والتنفيذية في المحافظات بل وحتى اللجان المجتمعية، للعمل كخلية نحل من أجل ضمان إنجاح الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وتبينت ثمرة تلك الجهود على أرض الواقع ولامسها الجميع.
ثم إن قرارات الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي مؤخرًا، وبيان المجلس الانتقالي بشأن تصويب آلية اتخاذ القرار في مجلس القيادة الرئاسي، هي أيضًا تثبت دوره القيادي في إصلاح الشراكة وتصويب آليات اتخاذ القرار وإنهاء الانفراد، بالعمل على إعداد آلية تشاركية.
ولا تزال في جعبة الانتقالي وقيادته السياسية الكثير من الأدوار والإجراءات الكفيلة بمعالجة قضايا هامة لطالما شكلت جزء من أسباب وعوامل إضعاف تماسك مجلس القيادة الرئاسي كأداة حكم توافقية جماعية مؤقتة، لن يسمح الانتقالي بأن تصبح هذه الشراكة أداة لتعميق آلام ومعاناة شعبنا الجنوبي.