هكذا برز عنوان الشارع الجنوبي وخاصة سكان العاصمة عدن بين تراجع الدولار وثبات الأسعار من يربح ومن يدفع الثمن؟
وبينما يشهد سعر صرف العملات الأجنبية تراجعاً ملحوظاً أمام الريال اليمني، بقيت أسعار المواد الغذائية الأساسية في العاصمة عدن تراوح مكانها، متجاهلة متغيرات السوق والعملات، ما أثار تساؤلات المواطنين عن جدوى انخفاض الدولار إذا لم ينعكس على موائدهم.
وفي خطوة جادة، وجّه معالي وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، الأستاذ أحمد حامد لملس، بشن حملة رقابية موسعة تشمل جميع مديريات عدن لضبط أسعار السلع الأساسية، في محاولة لكبح جماح ارتفاع الأسعار ووقف التلاعب الذي أنهك المواطنين في ظل وضع اقتصادي هش.
شهدت العاصمة عدن خلال الأيام الماضية انخفاضاً في سعر صرف الدولار أمام الريال، لكن الأسواق ظلت تقاوم هذا التراجع بثبات “عنيد” في أسعار الطحين، الأرز، الزيوت، السكر، والبيض، وهو ما وصفه خبير اقتصادي بأنه “مؤشر على احتكار السوق من قِبل حلقة تجارية مغلقة لا تستجيب إلا حين تُجبر على ذلك.
وإن انخفاض الصرف دون انخفاض الأسعار هو شكل من أشكال الجريمة الصامتة ضد المستهلك” واضاف الخبير الاقتصادي“عندما يصعد الدولار ترتفع الأسعار في اليوم التالي، وعندما ينخفض، يتذرعون بالمخزون السابقة إنها معادلة ظالمة تحتاج إلى رقابة صارمة.
“توجيهات المحافظ لملس .. والكرة في ملعب التنفيذ”
الحملة التي أطلقها المحافظ لملس، جاءت بتعليمات واضحة إلى مكاتب الصناعة والتجارة ومديري المديريات في العاصمة عدن، لتشكيل فرق ميدانية تنفّذ زيارات مفاجئة، وتُرغم المحلات على التكيّف مع سعر الصرف الحالي .. مع إشراك اللجان المجتمعية في المتابعة، في خطوة تهدف لتعزيز الرقابة الشعبية.
وشدّد التعميم من المحافظ على اتخاذ إجراءات قانونية رادعة ضد من يرفض خفض الأسعار، بما في ذلك تحرير مخالفات وإغلاق محال، وهي لهجة أكثر حزماً من حملات سابقة توقفت عند حدود “النصح والإرشاد.
من المستفيد من بقاء الأسعار مرتفعة؟
ان الواقع الحالي يقول إن التاجر، وليس الدولة، هو من يحدّد السعر، في ظل غياب منظومة تسعير رسمية أو رقابة صارمة ودائمة مما جعل التجار المستفيدين من ضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة المحلية، وغياب قاعدة بيانات تحدد هوامش الربح المقبولة.
وفي سياق ذلك عبر الشارع العدني بقوله :ان “الدولار انخفض بنسبة 25%، بينما لم تنخفض سلعة واحدة من التي نستهلكها يوميًا فما الذي يمنع التجار ؟ ولماذا لا يفرض عليهم التسعيرة؟”.
فيما يرى المواطنين ان
نجاح حملة تخفيض الأسعار سيعتمد على ثلاثة عناصر أساسية وهي الرقابة المستمرة لا الموسمية و لا يجب أن تكون الحملة لحظية أو ردة فعل مؤقتة بالإضافة إشراك المواطن فالمواطن هو الرقيب الأول، وتفاعله في التبليغ عن المخالفات ضروري وكذلك وجود عقوبات حقيقية لا ردع بدون عواقب ملموسة لتجار الجشع.
كما ان العاصمة عدن اليوم تعيش على مفترق طرق اقتصادي واجتماعي حساس وإذا استطاعت السلطة المحلية فرض إرادتها على السوق، فستكون قد أرسَت نموذجًا لحكم محلي يستعيد هيبة الدولة في وجه فوضى السوق.
لكن إذا فشلت الحملة في كسر هذا الجشع القاتل بين المال والسوق، فستتحوّل التوجيهات إلى مجرد ورق، وتبقى معاناة المواطن في عدن مستمرة بلا ملامح لانفراج قريب.