مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ، جرى استحداث أجسام مكمّلة تستهدف تعزيز العمل السياسي وضبط أدائه، من أبرزها هيئة التشاور والمصالحة التي أنيطت بها مهمة جمع القوى والمكونات المختلفة تحت مظلة واحدة، والعمل على تقديم المشورة التي تعزز التوافق الوطني وتقرّب وجهات النظر، إضافة إلى فريق قانوني لمراجعة قرارات المجلس الرئاسي بهدف فحصها من الناحية الدستورية والإجرائية بما يضمن سلامتها ويحد من أي تجاوزات أو تعارض مع القوانين النافذة، ورغم أن الدستور ما يزال معطلاً منذ انقلاب الحوثيين إلا أن البعض يرى أن وجود هذا الفريق يمثل صمّام أمان قانوني مهم. غير أن التجربة العملية خلال الأشهر الماضية كشفت عن حاجة ماسة لخطوة إضافية تتمثل في إنشاء آلية رقابية وتقييمية مباشرة تتابع أداء المجلس الرئاسي نفسه، وهذه الآلية يمكن أن تأخذ شكل “هيئة تقييم أداء مجلس القيادة الرئاسي” التي سيكون هدفها الأساسي متابعة وتقييم أداء المجلس بشكل دوري وقياس مدى التزامه بالمهام الوطنية وتقديم توصيات إصلاحية تعزز الشفافية والكفاءة في إدارة المرحلة الانتقالية. تتشكل الهيئة من رئاسة توافقية محايدة غير متورطة في الخلافات السياسية، واثني عشر عضواً بواقع ستة ممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي وستة عن التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، إضافة إلى أمانة عامة تنفيذية تتولى إعداد الدراسات والتقارير ولجان متخصصة سياسية واقتصادية وقانونية وعسكرية/أمنية. وتتمثل مهامها الرئيسية في تقييم الأداء السياسي للمجلس ومدى التزامه بمهام المرحلة الانتقالية ومراجعة القرارات وقياس فعاليتها على الأرض ومتابعة الملفات الاقتصادية والأمنية ورصد مكامن القصور ورفع تقارير نصف سنوية للرعاة الإقليميين مع تقديم مقترحات إصلاحية لمعالجة الثغرات وتحسين الأداء. وتعتمد الهيئة آلية عمل واضحة من خلال اجتماع دوري كل شهرين لتقييم المستجدات وإصدار تقرير نصف سنوي يتضمن الإنجازات والإخفاقات والتوصيات مع إمكانية عقد جلسات استماع علنية تعزز ثقة الشعب في المساءلة. وتبرز الرسائل السياسية لهذه الخطوة في كون الهيئة ليست بديلاً عن المجلس الرئاسي بل أداة رقابية وتقييمية داعمة، كما أن توازن التمثيل بين الانتقالي والتكتل الوطني يضمن الشراكة ويمنع الاستفراد، فيما يمنح الرعاة الإقليميين آلية مراقبة مباشرة لأداء المجلس. ومن ثم فإن إنشاء مثل هذه الهيئة لا يعني تقييد صلاحيات المجلس أو التشكيك في مشروعيته، بل يمثل خطوة إصلاحية ضرورية لتعزيز الثقة الداخلية والخارجية بمسار الشرعية وترسيخ مبدأ الشراكة السياسية وضمان العمل الجماعي المنظم، الأمر الذي يجعلها مطلباً يفرضه الواقع للحفاظ على التوازن ومنع الاستفراد بالقرار والوصول إلى إدارة أكثر كفاءة وفاعلية للمرحلة الحالية.