في مشهد سياسي فاصل، شكّل فرار رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وعدد من الوزراء من العاصمة عدن، سقوطًا مدوّيًا لما تبقى من شرعيتهم، بعد أن تخلوا عن واجباتهم الوطنية والدستورية، وتركوا مؤسسات الدولة في لحظة مفصلية من معركة استعادة الشمال من قبضة الحوثي. هذا الهروب، الذي وُصف شعبيًا بالخيانة، أسقط عنهم ما تبقى من قبول أو مشروعية، بعدما بات واضحًا أن هدفهم لم يكن سوى تعطيل الدولة وشلّ مؤسساتها.
ووفق مصادر حكومية، فإن فرار العليمي لم يكن ارتجالياً، بل خطوة مدروسة لإغراق الدولة في فراغ إداري وإفشال الإصلاحات الاقتصادية، إذ سعى لتحريض محافظ البنك المركزي على تعطيل صرف المرتبات ووقف الخدمات، لخلق أزمة خانقة في العاصمة. غير أن تدخّل السفير الأمريكي عبر اجتماع عاجل مع محافظ البنك أحبط المخطط، مؤكدًا على ضرورة تحييد البنك عن التجاذبات السياسية.
لم يكتفِ العليمي بذلك، بل حاول استدعاء الوزراء والمسؤولين لمغادرة عدن، في محاولة يائسة للضغط على الرئيس عيدروس الزُبيدي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، للتراجع عن الإنجازات الميدانية للقوات المسلحة الجنوبية، وفي مقدمتها تأمين المهرة وحضرموت وقطع شرايين الإمداد الحوثية.
لكن رهانه سقط سريعًا. فقد أثبت الزُبيدي قدرته على الإمساك بزمام الدولة، بإعادة تشغيل المؤسسات من داخل عدن، وحشد غالبية الوزراء إلى صفه، ما أعاد للحكومة توازنها وللشارع ثقته، في صفعة سياسية موجعة للعليمي ومن خلفه جماعة الإخوان.
وأكدت مصادر مطلعة أن الزُبيدي قاد تحركات ميدانية شملت زيارات مفاجئة للمؤسسات والمرافق الحكومية، للاطلاع على سير العمل وإعادة ضبط الأداء الإداري، فيما يُتوقع أن يُصدر خلال الأيام القادمة قرارات بتعيين بدلاء للوزراء والمسؤولين الفارين، استنادًا إلى شرعية الأرض والتفويض الشعبي الواسع الذي يحظى به في الجنوب.
وبذلك، نجح الرئيس الزُبيدي في تحويل محاولة الانقلاب الإداري إلى لحظة انتصار وطني، أعاد خلالها مؤسسات الدولة إلى مسارها، وأسّس لمرحلة جديدة عنوانها الحضور الفاعل وتحمل المسؤولية الوطنية في مواجهة المشروع الحوثي الإيراني.