الخميس , 27 نوفمبر 2025

مريم بارحمة
سيئون تستعيد دورها التاريخي اليوم بوصفها منبرًا جنوبيًا صريحًا لإيصال رسائل سياسية قوية إلى الإقليم والمجتمع العربي والدولي والعالم بأسره. الرسالة المركزية تتمثل في تأكيد أن الجنوب من أقصاه إلى أقصاه يقف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، وأن المشروع الوطني الجنوبي يمضي بثقة نحو استعادة الدولة كاملة السيادة بحدودها الدولية المعترف بها قبل 22 مايو 1990م.
هذا الإجماع الجنوبي الشامل يعكس حالة نضج سياسي وتوحّد شعبي غير مسبوق، ويكشف بوضوح أن إرادة الجنوبيين باتت أكثر صلابة في مواجهة التحديات.
-30 نوفمبر تجدد للعهد ومسار للتحرر
ذكرى الثلاثين من نوفمبر لم تعد مجرد مناسبة سنوية تحضر فيها الذاكرة أو تستعاد فيها صور الماضي، بل أصبحت محطة تاريخية تُجدَّد فيها مواثيق الوفاء للجنوب وشهدائه وجرحاه. سيئون تمنح هذه الذكرى بعدًا أكبر حين تتحول إلى منصة لتجديد العهد والوفاء لمشروع التحرير والاستقلال.
كل من يصل إلى سيئون وكل من يرفع علم الجنوب فيها يذكّر بأن هذه الذكرى ليست طقسًا احتفاليًا بل إعادة تأكيد على مواصلة المسار ذاته الذي خطه الرواد حين انتصروا على الاستعمار البريطاني في 1967م.
إن تجديد العهد من وادي حضرموت بالذات يحمل قيمة رمزية وسياسية عميقة، لأن المدينة تعكس الإرادة الشعبية المتصاعدة نحو استعادة الهوية الجنوبية وترسيخ الانتماء الوطني.
-تفويض جديد للمجلس الانتقالي الجنوبي
الاحتشاد المتوقع في سيئون يشكل تفويضًا شعبيًا جديدًا للمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس الزُبيدي. الفعالية تتجاوز كونها مهرجانًا جماهيريًا إلى كونها إعلانًا شعبيًا عن تجديد الثقة السياسية بقيادة الجنوب وشرعيتها في تمثيل الإرادة العامة.
هذا التفويض مهم في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي ومحاولات بعض القوى اليمنية والإخوانية والإقليمية الحفاظ على نفوذها في وادي حضرموت، الأمر الذي يجعل الإجماع الشعبي حول القيادة الجنوبية ركيزة قوية تضفي مزيدًا من الوضوح للمسار السياسي القادم.
-وحدة جنوبية من المهرة إلى باب المندب
المشهد الجنوبي اليوم أكثر تماسكًا مما كان عليه في أي وقت سابق. الزحف الجماهيري من جميع محافظات الجنوب، بدءًا من المهرة شرقًا وحتى باب المندب غربًا، يؤكد عمق وحدة الموقف السياسي والدعم الشعبي لأبناء حضرموت في مطالبهم بإدارة محافظتهم واستعادة حقهم في ثرواتهم وأرضهم.
التضامن الجنوبي مع حضرموت يعكس فهمًا جمعيًا لأهمية المحافظة ودورها الجيوسياسي والاقتصادي والثقافي، ويظهر أن الجنوب بكل محافظاته يقف يدًا واحدة أمام محاولات تفتيت الهوية أو تقسيم الجغرافيا.
-مطلب نقل القوات اليمنية من وادي حضرموت
القضية الأمنية في وادي حضرموت تمثل محورًا ثابتًا في مواقف المجلس الانتقالي الجنوبي. الدعوات المتكررة من قيادة المجلس إلى ضرورة نقل القوات اليمنية من الوادي تستند إلى مطالب شعبية واسعة، حيث يرى أبناء حضرموت أن تلك القوات أصبحت عبئًا على الأمن والاستقرار.
المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن في أكثر من مناسبة موقفًا واضحًا بضرورة إحلال قوات النخبة الحضرمية الجنوبية بدلًا عن القوات اليمنية. النخبة الحضرمية تشكلت من أبناء المحافظة، الأمر الذي يمنحها الشرعية الشعبية والقبول الاجتماعي، إضافة إلى معرفتها الدقيقة بطبيعة الأرض وتركيبة المجتمع.
هذا المطلب يندرج في إطار مشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية التي تقوم على تمكين أبناء كل محافظة من إدارة شؤونهم، وهو مطلب لا يمكن تجاهله بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء.
-الهوية الجنوبية وذكرى الاستقلال
حلول ذكرى 30 نوفمبر يذكّر الجنوبيين بأهمية الحفاظ على الهوية الجنوبية التي تعرضت لمحاولات طمس وإعادة تشكيل منذ حرب 1994م، مرورًا بكل مراحل السيطرة اليمنية على مؤسسات الدولة والثروة.
إقامة الفعالية في سيئون تعيد التأكيد على أن الهوية الجنوبية راسخة ولا يمكن المساس بها مهما تعددت محاولات الأطراف اليمنية لإضعافها أو تحويلها.
ترسيخ الهوية الجنوبية اليوم ليس خيارًا ثقافيًا فحسب، بل ضرورة سياسية لحماية وحدة الصف الجنوبي وحماية مشروع الدولة القادمة.
-حضرموت في دائرة الاستهداف المتعمد
حضرموت تتعرض في الظرف الراهن لاستهداف مباشر ومُمنهج من قبل قوى يمنية تسعى لإبقاء الوادي منفصلًا عن محيطه الجنوبي. السياسات التي تُفرض على حضرموت لا يمكن النظر إليها بعيدًا عن محاولات الهيمنة على ثرواتها ونفوذها الجغرافي والاقتصادي.
هناك قوى يمنية تعمل على عرقلة كل خطوة تهدف لتوحيد وادي وساحل حضرموت ضمن الإطار الجنوبي، وتستخدم لذلك أدوات سياسية وإعلامية وأمنية تثير الفوضى وتعمّق الانقسام الداخلي، بهدف منع أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم بأنفسهم.
ورغم ذلك، يبقى الموقف الشعبي واضحًا في رفض هذه السياسات وتأكيد أن حضرموت جنوبية أرضًا وهوية وانتماء.
-مواجهة المشاريع الإخوانية اليمنية
الاحتشاد في سيئون يمثل مواجهة مباشرة مع المشاريع الإخوانية اليمنية التي تحاول فرض معادلات جديدة في الوادي عبر شبكات نفوذ سياسية وعسكرية واقتصادية.
الجماهير التي ستصل إلى سيئون تحمل موقفًا واضحًا يرفض أي وجود لتلك المشاريع، ويرفض استغلال موارد المحافظة أو العبث بأمنها واستقرارها.
الرسالة التي ستخرج من سيئون ستقول إن الجنوب لم يعد ساحة مفتوحة أمام المشاريع الأجنبية أو اليمنية التي تسعى لتثبيت نفوذها على حساب إرادة الناس.
-محاولات إطالة النفوذ في وادي حضرموت
بعض القوى اليمنية ومعها أطراف خارجية تعمل على إطالة وجودها في الوادي، مستفيدة من حالة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ سنوات.
هذه القوى تسعى لبناء شبكات سياسية واقتصادية جديدة تبقيها في المشهد مهما حدث من تغييرات. تعمل أيضًا على تعطيل أي محاولات حقيقية لتمكين قوات النخبة الحضرمية، وتدعم بشكل غير مباشر حالة الفوضى في الوادي والساحل كي تظل القوة المسيطرة بحجة مكافحة الإرهاب.
مثل هذه السياسات أصبحت مكشوفة للشعب الحضرمي الذي لم يعد يقبل بقاء الوادي رهينة ترتيبات قديمة لا تخدم مصالحه.
-تمكين النخبة الحضرمية وإعادة الأمن
المطالبات الشعبية بانتشار قوات النخبة الحضرمية في الوادي والساحل أصبحت واحدة من أهم الركائز التي يُبنى عليها المستقبل الأمني لحضرموت.
وجود قوة محلية مهنية من أبناء المحافظة يمثل الضمانة الحقيقية لفرض الاستقرار ومنع أي محاولات خارجية للتدخل.
فعالية سيئون ستعيد طرح هذا المطلب بقوة، وتؤكد أن أبناء حضرموت مصممون على استعادة السيطرة الأمنية والإدارية على أرضهم كاملة.
-الشرارة الجنوبية الأولى من المكلا
الذاكرة الوطنية تستحضر الشرارة الجنوبية الأولى التي انطلقت من المكلا عام 1998م حين سقط شهيدان من أبناء حضرموت دفاعًا عن حقوقهم وكرامتهم. تلك الشرارة شكلت بداية وعي جنوبي جديد تجاه الاحتلال اليمني، وأسست للحراك الجنوبي الذي توسع لاحقًا ليشمل كل محافظات الجنوب.
سيئون اليوم تعيد إحياء هذا الوعي وتربطه بالواقع السياسي الراهن، لتؤكد أن المسار ذاته مستمر وأن التضحيات لم تذهب سدى.
-الوديعة رمز نهب ممتد منذ عقود
منفذ الوديعة في وادي حضرموت يمثل أحد أبرز الأمثلة على نهب ثروات حضرموت منذ عقود طويلة.
عصابات النفوذ اليمنية سيطرت عليه لسنوات، وحولته إلى مصدر دخل خاص بعيدًا عن مؤسسات الدولة، بينما بقي أبناء حضرموت محرومين من أهم مواردهم الاقتصادية.
هذا الواقع يكشف كيف استخدمت القوى اليمنية مواقع النفوذ لنهب الثروات وترك المجتمع المحلي في دائرة الفقر والتهميش.
-نهب منظّم منذ حرب 1994م
الحرب التي شنّت على الجنوب في صيف عام 1994م فتحت الباب واسعًا أمام تقاسم مناطق الامتياز في حضرموت بين قوى النفوذ اليمنية.
الثروات النفطية والمواقع الاستراتيجية تم توزيعها وفق مصالح تلك القوى، في حين لم يحصل أبناء حضرموت إلا على الإقصاء والتجاهل والتعليم المتدنّي وسياسة تجهيل متعمّد تهدف إلى إضعاف الوعي العام.
-سيئون مركز ثقافي وتراثي وطني
سيئون تُعد من أهم مدن التراث الجنوبي، وهي مركز ثقافي وتاريخي يعكس عمق حضرموت وهويتها.
الفعالية القادمة ستفتح أبواب المدينة أمام مهرجان وطني ثقافي يعبر عن تراث الجنوب كله وحضرموت بشكل خاص.
هذا الجانب الثقافي يمثل جزءًا مهمًا من مواجهة محاولات اختطاف هوية الوادي وإعادة ارتباطه بجذوره الجنوبية.
-حضرموت التحدي والرسالة
الجنوب يواجه تحديات كبرى، لكن حضرموت تمثل أحد أهم المحاور التي تتحرك من خلالها الرسائل السياسية المؤثرة.
فعالية سيئون ستكون بمثابة إعلان واضح بأن حضرموت جنوبية الهوى والهوية، وأن كل محاولات فصل الوادي عن الساحل أو إلحاقه بمشاريع يمنية لن تجد قبولًا شعبيًا.
الرسالة التي ستخرج من سيئون ستؤكد أن الجنوب ماضٍ بثقة نحو لحظة التحرر، وأن الوعي الجمعي لم يعد قابلًا للاختراق.
نوفمبر 27, 2025
نوفمبر 27, 2025
نوفمبر 27, 2025
نوفمبر 27, 2025